صَباحٌ مُبهِجٌ بدأ وأنا أجوب المدينة لوحدي، الفوضى تجتاح كلَّ شيىءٍ المشقَّةُ والتَّعب يغزوان الوجوه، ثمَّةَ رجلٌ عجوزٌ على قارعةِ الطَّريق يعزفُ حزنَه على الكمان كما لو أنَّه كانَ يعزفُ على قلبِي أنا.
وتلك الفراشةُ الَّتي تنتقل من مكانٍ إلى آخر إنَّها بائعةُ الوردِ تبيعُ حبّاً للنّاس جميعاً منهم مَن يَشترِي منها بحبٍّ ومنهم من يتذمَّر هذا حالُ العديدِ من أطفالِ هذه المَدينة الَّتي تَفتقِر الدِّفء. وأنا ماذا عنِّي؟
ها أنا أعدو على صفيحِ الشَّوق فتدمى قدمايَ والشَّمس تضعُ عينَيها في عينيَّ فتسكبان المَاءَ بشحٍّ من فرطِ الألم لم تَقويا على البكاءِ، أتابعُ عدوِي بكلالةٍ وإذ بألسنةِ اللَّهب تستعرُ من حولِيَ بشراهةٍ لتنهشَ جِلديَ الأسمر وتتلذَّذُ في ابتلاعِه ويتساقطُ جسَدِي قطعةً تلو الأخرى حتَّى أتلاشى بأكمَلي وسطَ النِّيران المُلتهبة، ها قد تركتُ بصَماتِي ها هنا كعادَتي دمِي يُعانِق كلَّ شيىءٍ هُنا، وجوه النَّاسِ والرَّصيف، جُدرانُ المقاهِي والمَحالِّ التِّجاريَّة حتّى أعمدةُ الإنارة.
والآن ماذا حصل؟ ذبت أنا وتلاشت تفاصيلُ وجودِي من هذا العالم لم يبقَ منِّي شيىءٌ سوى قلبِي الّذي فرَّ هارباً بكَ من غياهِب الاحتراقِ فكيف يحترقُ وأنت ساكنه؟ احتضَنك بداخِله وتكوَّرَ على ذاتِه هناك عند ذاك الجِدار حيثُ يتلاحَمُ ظلَّانا منذُ مدَّةٍ وإذ بصوتِ سيّارة الإسعاف يدوِي في الأرجاء قال الطبيب حينها: بأنَّ قلبِي سَينقلُ إلى مصحَّةٍ شوقيَّةٍ بسببِ أزمةٍ عِشقيَّةٍ.
#رغد_وليد_طه
#بوحٌ_أَبكَمٌ
