لا ذكريات في منفى
كنا نلعب (غميضة)
نختبئ من الظلام في (شيلة) أمي
أخي الأكبر كان هو الخاسر دائماً
عندما نقول له (حلال)
يبقى وحيدا يبحث لنا عن الخبز
الذي خبأته أمي
للعام القادم
حتى وإن يجد واحدا منا
يقول للظل الذي يقف خلفه
هذا ليس هو
أختي الصغرى
كانت تركض حين ينزل المطر
تركض للشارع
تشم التراب المبلل بالذكريات
أبي
كان يرتب لنا مواعيد القمر
حين ينقطع التيار الكهربائي في الصيف
ننام على سطح دارنا نواسي الله في وحدته
تأتي أمي وفي يدها أواني النجوم
ترش الهواء بعطر المسك من جسدها الفضي
حتى إني سمعت أبي يقول لها:
يا (حميدة) لا تصعدي للسماء وأنت بكامل ضوئك
أغار عليك من الملائكة
لأنهم لا يتزوجون حتى الموت
أتذكر جارنا (ساري)
الذي يمتلك معزاة
عندما يحين موعد ولادتها
يؤجل لنا الموعد حتى نشرب الحليب
أتذكر صديقي (زهير)
كان يضع (الدشداشة) تحت بنطاله
ويقول لي:
أبي اشترى لي قميصا جديدا
لكني كنت أشاهد ملامح أبيه في جيوب (الدشداشة)
أتذكر النهر الصغير الذي يبعد عن منزلنا بضع شوارع
كنت لا أجيد السباحة
حتى إني غرقت مرةً من شدة الجوع
أتذكر معلمتي الجميلة الصهباء
ست (اصفهان)
كانت من الديانة (الصابئية)
لكنها تحب محمد اكثر منا
عادتها قبل الشروع بالدرس
تكتب أسماء المتفوقين في اليوم الماضي على السبورة
وكنت من بيهم طبعا
قلت لها: يا ست أنا لا أجيد القراءة حتى
قالت: إنك تشبه أخي
الذي ذهب للحرب ولم يعد أبدا
علاء ناظم