عزيزتي صاحبة الظلّ الأنيق...
لا حقَّ لي أن أشعر بالخيبة إذ لم ولن تكوني لي يوماً، فأنا أساساً لم أحاول. ألّا يمتلك الإنسان الحق بالحزن أو العتاب فذلك أصعبُ من أكبر خيبة، ولا داعي لتذكيري، أعلم... هذا ما جنيتُ على نفسي بنظرك، أو ربما ما جنتْه عليّ الأقدارُ بنظري. لكنني كلما صادفتُ يدين سماويَّتيْن عاودني حنينٌ جارف وحزنٌ غامض، فليس أبهى من يديكِ إلاهما ولا قدرةَ لغيرهما على إمساكِ قلبي إلى مالا نهاية وبكلّ تلك الوداعة.
صديقتي... يا قِبلةَ الروح التي يدفعني إليها تيّار العمر، ولا أستطيع المقاومة أو العودة. لا مُستَقَرَّ لقلبي عندك وذلك القدر الذي عاندنا طويلاً سلبني حتى أن أتخيَّلكِ قربي حين يأكلني المشيب.
أنظر عالياً لأراكِ - هكذا كما أنتِ- نجمةً بعيدة، خدعني غبائي وعشَمي ذات مساء وظننتُ أنني قد أقطفها بأصابعي.
لكنني بعد هذا الحب الهذَيانيّ عرفت: أن تحب نجمة، يعني أن تكتفيَ بنظرةٍ بعيدة، لأنَّ الأيدي مهما بلغتْ قوَّتها لا تطالُ السماء ولا تقطف النجوم.
بعض الأشياء خُلِقَتْ لتكون هكذا، وأنا ارتضيتُكِ حزناً خبيئاً وحباً عصيّاً، سراً لا يمنعني عن إكمال الحياة بكل ما فيها من جمال. كم أخذَ من روحي بلوغُ هذا التسليم.
واليوم أحيا على عهدٍ خفيّ: أن أعبِّدَ الطريق لخطواتِكِ الواثقة وأكون ذلك الطّيف البعيد الذي يفخر بكِ في النهاية، حين تشعرين أنك وحدكِ من فعلتِها.
أن أدعو لك بالسعادة التي سيمنحها لكِ آخر، وأدعو لأولادك بالوجودِ أولاً ثم برضاكِ الجميل، ولنفسي بلقائك في حياةٍ أخرى وقدرٍ آخر -أنا الذي لم أؤمن يوماً بأفكارٍ كهذه- لكن... أن تحبَّ نجمة يعني أن تكتفي بنظرةٍ بعيدة، وتؤمن بالخرافات لتطمْئِنَ قلبكَ أنك يوماً ما قد تطالها.