شبكة الحكمة للأخبار الثقافية شبكة الحكمة للأخبار الثقافية
random

آخر المواضيع

random
recent
جاري التحميل ...
recent

الأديبة ثراء الرومي

قصة
*****
أطفال
___
الأديبة
ثراء الرومي 
...........................................................
اندفعَ ميّار نحوَ أبيه الجالس تحتَ شجرةِ لوز مُـزهرة، والدُّموعُ في عينيه.
سألَ الأبُ: ما بكَ يا صغيري؟
أجابَ ميّار: الواجباتُ المدرسيّة كثيرةٌ، وقد تعبتُ.
فتحَ الأبُ ذراعَيهِ قائلاً: تعالَ يا صغيري! اجلسْ في حضني لأقُصَّ عليك حكايةً جميلةً تعودُ بعدَها إلى دراستِك.
وبدأ أبو ميّار حكايتَهُ بصوتٍ رخيم أعطاها مزيداً من الجمال:
اسمعْ يا ميّار! بدأتْ علاقتي بالنّبات لـمّـا كنتُ في السّابعة، مثلك تماماً، وكانَ علـيَّ مساعدةُ أبي في الحقل قبلَ أن أعودَ لأدرُسَ مهما كنتُ تَـعِـباً، وفي أحد الأيّام تسلّلتُ إلى غرفة جدّتي لأشكُـوَ إليها تعبي، وأنا على يقينٍ بأنّ حضنَـها هو المكانُ الوحيد الذي أشعرُ فيه بالأمان، فضمَّـتْني بذراعَيها، وربتتْ على كتفي بحنانٍ قائلة: 
لديَّ اقتراحٌ جميلٌ فيه حلٌّ لـمُشكلتِكَ يا صغيري! ما رأيك في أن ترمـيَ بذرةً في التُّراب كُـلّمـا شعرتَ بالتَّعب، وبعدَها حاولِ الاعتناءَ بشُجيرات حديقتي لدقائق. ستُسَـرُّ النّباتاتُ بما تفعلُهُ لأجلِـها، وستُعطيكَ طاقةً جديدةً للعودة إلى الدّراسةِ بنشاط.
لـم أشأْ حينها أن أُخيِّبَ ظنَّـها بي، فأخفيتُ ابتسامتي، وأنا أقولُ في نفسي: آه يا جدّتي! عن أيِّ حلٍّ، وعن أيِّ تسليةٍ تتـحـدّثين؟! 
لكنَّ جدّتي نجحتْ في جعلِ هذا الأمر أحبَّ عاداتي اليوميّة إلـيّ، وكانت يدُها الطّـيِّبةُ مُستودعَ بذوري، إذ كانت تنتظرُ وقتَ استراحتي، وهي تُـخبِّـئُ لي في قبضتها الدّافئة بذرةً من البذور، وتدعُوني بابتسامتها اللطيفة إلى أن أُنفِّذَ اتّـفاقي معها.
مرّتِ الأيّامُ، وراحت بذوري تنمو، وأنا أعتني بها، وشُجيراتُ جدّتي تعلو، فأعودُ إلى غرفتي، وأنا سعيدٌ حقّاً بما أفعلُه، ولـمّـا ملأَ الاخضرارُ المكان، وأزهرتْ شجرةُ اللّوز التي نجلسُ في ظلِّـها الآن كنتُ أتسلّـمُ شهادةَ تفوُّقي الدّراسيّ، فاكتشفتُ أنّ استثماري لحظاتِ التَّعبِ القليلة صنعَ لي أجملَ حديقةٍ أزهرَ فيها تفوُّقي. 
هذهِ هي حكايتي يا بُـنـيّ!
نظرَ ميّار في أرجاء المكان، وهرولَ نحوَ دلوٍ فيها بعضُ الماء قائلاً:
أبي! أتسمحُ لي بأن أقولَ للجدّةِ الطّـيِّبة: شُكراً؟
تساءلَ الأب: وكيفَ ذلكَ يا صغيري؟
ابتسمَ ميّار بمحبّة، وقالَ: سأسقي الشّجرةَ التي أحبّـتْـها دائماً، وسأزرعُ بذوراً جديدةً كلّمـا شعرتُ بالتَّعب، ثـمّ أعودُ لأُكمِلَ واجباتي المدرسيّة بنشاطٍ لأصبحَ مُـهندساً ناجحاً مثلَـكَ يا أبي!

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

شبكة الحكمة للأخبار الثقافية

2016