الكاتب محمد مرعي لمنبر حواس :
العصبيات ستقودنا الى المجهول ...
ولتحرر المرأة فكريا وليس جسديا ...
الكاتب محمد مرعي ، عضو في جمعية حواس الثقافية ، هو من الشخصيات التي تفكر وتناقش وتحلل بكل هدوء ، دقيق جدا في أختيار تعابيره ، لا يكتفي بما يقرأ ولا بما يسمع ، بل دائما يبحث عن خلفيات الأمور ، ولا يصدر أحكاما مسبقة ، يحب الظهور على طبيعته من دون تصنع ، ويرفع شعاره في الحياة ( فكر لكي تمر) .
يعتبر أن العصبيات والتبعيات العمياء لن تقود المجتمع الا الى المزيد من المجهول ، يشدد على وجوب تعميم ثقافة الوعي بين الشباب حتى نستطيع النهوض بمجتمعنا .
لا يصنف نفسه من كتاب الشعر ، بل هو متذوق له ، وليس هاويا ، بل يسعى دوما لتطوير نفسي في مجالي الكتابة والتحليل .
يتمنى أن تتحرر القدس حتى يصلي في مسجدها ، ويدعو الى تحرير المرأة فكريا لا جسديا ، ويقول لكل فتاة كوني (أميرة) .
منبر حواس أستضاف السيد محمد مرعي وكان لنا معه هذا الحوار .
س : من هو الكاتب محمد مرعي ؟
ج : محمد مرعي هو إبن الجنوب، إبن قرية ميس الجبل تحديدا، حيث نشأت وترعرعت، عمري 27 سنة،
من أبرز ما يميّزني أنّني أحبّ الظّهور على طبيعتي من دون تصنّع أو تلوّن، أحبّ القراءة والمطالعة في مجالات الأدب والعقائد والفلسفة والدّين وعلم النّفس، وكذلك أحبّ الكتابة وأعتبرها شيئا ذات قدسيّة خاصّة، فمن خلالها نستطيع أن نعبّر عمّا يختلجنا من مشاعر أو عمّا نفكّر به من أمور، فعندما نضع ما نفكّر به على الورق تتبلور لدينا الفكرة بشكل أوضح، خصوصا أنّنا عندما نكتب أفكارنا فهناك الكثير من الأمور الّتي تحيط بالفكرة تخرج من خلال الكتابة ونكون غير ملتفتين إليها فيما سبق، فالكتابة تخرج الكثير من الكنوز المخبوءة داخلنا، وكذلك أحلّل بعمق ولا أكتفي بما أراه أو أقرأه أو أسمعه، بل دائما أبحث عن خلفيّات الأمور والهدف الحقيقي والنّهائي المراد إيصاله من خلالها، شعاري في الحياة "فكِّر لكَي تمُرّ"، وهذا الشّعار لا يعني التّنازل عن المبادئ من أجل المصالح، بل يعني تحقيق المصالح ضمن الأطر الّتي تسمح بها المبادئ، وهذا الأمر ليس سهلا لأنّنا في زمن أصبحت فيه المصلحة هي المبدأ عند الكثيرين، فالأمر يحتاج للتّفكير من أجل المرور بطريقة تحقّق القدر الممكن من المصلحة من دون المساس بالمبدأ، ولكن إذا تعارضت المصلحة مع المبدأ يصبح ترك المصلحة واتّباع المبدأ هو الوسيلة الوحيدة للمرور.
س : ما هي الأفكار والقيم والمبادئ التي تؤمن بها ؟
ج : عندما نؤمن بفكرة ما أو مبدأ ما فمن الطّبيعي أنّ هذه الفكرة أو هذا المبدأ يجب أن يتناسب مع فطرتنا ومع ما ترنو إليه أرواحنا، لذلك المبدأ الأساسي الّذي أؤمن به هو رفض الظّلم، بالإضافة إلى اعتقادي بأنّ الإنسان ذو جناحين: العقل والقلب، فلا يمكن للقلب أن يهتدي من دون العقل ولا للعقل إن يقتنع بالحقائق من دون القلب، لذلك أنا أؤمن بأنّ العقل والقلب جناحا الحقائق، وممّا أؤمن به أيضا أنّ خيمة الإنسانيّة لها عامود أساسيّ هو الأخلاق، وأنّ الصّدق والأمانة هما عماد الأخلاق، وبالتّالي من دون صدق وأمانة لا وجود لشيئ إسمه الأخلاق، ومن دون أخلاق يصبح الإنسان مجرّد هيكل أمّا من الدّاخل فهو شيئ آخر، كما أنّني أحترم الإنسان كإنسان بغضّ النّظر الى أيّ دين أو مذهب أو طائفة أو حزب ينتمي، وأحترم جميع الأديان والطّوائف وأرفض أن يساء الى المنتمين لأيّ دين أو أيّ طائفة، وبأنّ النّقاش المبنيّ على الأدلّة والبراهين هو السّبيل الوحيد للإقناع أو الإقتناع، أمّا العصبيّات والتّبعيّات العمياء فلا تقودنا إلّا إلى مزيد من الجهل.
كما أنّني أعتقد بأنّ الثّقافة ضرورة ملحّة بالنّسبة لأفراد المجتمع، وخصوصا فئة الشّباب، فهي العنصر الرّئيسيّ الّذي يُعتَمَد عليه في رفع منسوب الوعي، وهذا الوعي من خلاله نستطيع مواجهة الحرب الثّقافيّة والإعلاميّة الّتي يشنّها الأعداء علينا، وكذلك نستطيع أن نؤثّر في مجتمعنا بشكل إيجابيّ وجعله أكثر تحضّرا من خلال بثّ الأفكار النّيرة الّتي قد تساعد على المدى البعيد في نهضة المجتمع، لذلك علينا أن نكون مثقّفين وواعين لنتمكّن من التّقدّم ومواجهة أعدائنا ومن يريدون تشويه صورتنا.
س : هل أنت هاو للشعر أم أنك متذوق له ، وكيف تجمع بين الشعر وأختصاصك في المحاسبة ؟
ج : أنا أقرأ القصيدة، أحلّلها، وأحاول معرفة المقصود من خلالها، لذلك أنا متذوّق للشّعر بدرجة ما، ولا أعتبر نفسي هاويا، وأنا أسعى للتّطوّر والتّقدّم في مجال كتابة وتحليل الشِّعر بشكل مستمر، تعجبني قصائد "الهايكو" وأعتبر هذا الأسلوب ممتعا سواءا بالنّسبة للكاتب أو للقارئ، خصوصا وأنّ هذه القصيدة ذات أسلوب سريع وقصير وجذّاب ودرجة العمق فيها تتفاوت من قصيدة إلى أخرى، أمّا بالنّسبة للشقّ الثّاني من السّؤال فأنا أحبّ الشّعر منذ أن كنت في سنّ المراهقة وفي الجامعة وإلى اليوم، فالإنسان يستطيع أن يجمع بين الإختصاص الّذي يدرسه أو يمارسه وبين الشّعر، سواء كان محاسبا أو مهندسا أو طبيبا أو غير ذلك، فحبّ الشّعر هو الّذي يخلق علاقة الجمع هذه بين الإختصاص والشّعر والأمر ليس بهذه الصّعوبة.
س: محمد مرعي ماذا يعني له الحب ، الأرض ، الجنوب ، فلسطين ؟
ج : الحبّ هو الشّعور المركزيّ الّذي يسعى إليه كل إنسان في الوجود، ولكن برأيي، الحبّ لا ينحصر فقط بالعلاقة بين الرّجل والمرأة(مع أنّ لعلاقة الحبّ بين الرّجل والمرأة دور أساسيّ في إخراج الحبّ من باطن الإنسان)، فحتّى تكون عاشقا حقيقيّا عليك أن تتعامل بحبّ مع كلّ شيئ، وعليك أن تتخلّى عن أنانيّاتك في سبيل الحبّ.
الأرض هي الإنتماء، وهي المكان الّذي خُلِقنا لكي نَعمره، لذلك نحن مكلّفون بالحفاظ عليها والتّعامل مع ناسها وترابها بأمانة؛ من خلال إقامة الحقّ ورفع الظّلم في المكان الّذي نعيش فيه بالقدر الّذي نستطيع، والظّلم هنا قد يكون اقتصاديّا أو اجتماعيّا أو سياسيّا أو غير ذلك.
الجنوب هو بقعة جغرافيّة بحجم وطن، بل بحجم كلّ بلاد العرب، فهو صانع العزّة والكرامة للبنان وللعرب ولكلّ الأحرار في العالم، كما أنّه ملاذ للأرواح الباحثة عن السّكينة والطّمأنينة، بالإضافة إلى أنّه بات بقعة جغرافيّة تهابها كلّ جيوش العالم.
فلسطين بالإضافة إلى أنّها دولة عربيّة فهي مكان للصّراع بين الحقّ والباطل، وشعبها شعب مظلوم والدّفاع عنه مطلوب وواجب بكلّ الوسائل المتاحة، هذا بالإضافة إلى أنّني أحبّ القدس حبّا خاصّا وأتمنّى أن يأتي يوم أقبّل فيه ترابها وأصلّي في مسجدها الأقصى.
س : هل أنت راض عما تكتبه ، وهل ما زالت أحلامك لم تحقق ؟
ج : بالنّسبة لما أكتبه فهو يعبّر عن ما أفكّر به وأعتقده أو أحسّ به، أو كتعبير عن صورة بيانيّة ركّبتها في مخيّلتي، لذلك نعم أنا راضِِ عمّا أكتبه وأسعى لأن أطوّر من أسلوبي وقدراتي بشكل دائم،
أمّا بالنّسبة لأحلامي فبعضها تحقّق، ولكن لا زال لديّ الكثير أعمل من أجل تحقيقه خصوصا أنّني لا زلت شابا في مقتبل العمر.
س : هل أنت مع حرية المرأة ، أم أن لك رؤية خاصة في فهمك لتحررها ... ؟
ج : بالنّسبة لحرّيّة المرأة فيجب أن نميّز بين نوعين من الحرّيّة، حرّيّة الجسد والّتي أرفضها ولا أقبلها، وحرّيّة الفكر الّتي أشجّع عليها وأؤيّدها وأنصح كل فتاة وكلّ امرأة بأن تكون ذات ثقافة أسريّة عالية وعقل راجح وفكر متّزن وفهم عميق للدّور الّذي يجب أن تلعبه كزوجة وكأمّ، وهذا الأمر هو جزء رئيسيّ من الجمال بالنّسبة للأنثى، بل أنّ هذا الجزء لا يليق إلّا بالأميرات، لذلك أقول لكلّ أنثى "كوني بهذا المستوى من الجمال، كوني أميرة".
س : ما هو رأيك بظاهرة الحب والزواج عن طريق وسائل التواصل الأجتماعي ، وهل تعتبر هذه الظاهرة طبيعية نتيجة سهولة التعارف بين الشباب ؟
ج : ممكن أن يحصل إعجاب، هذا الإعجاب من المفترض بعده أن تحصل خطوات تمهّد للّقاء على أرض الواقع، إذا سارت الأمور بهذه الطّريقة فهذا جيّد، أمّا إستمرار العلاقة إلكترونيّا وافتراضيّا من دون أن يكون هناك نيّة جدّية للّقاء فهذا ليس حبّا بل نوع من التّسلية باسم الحبّ.
س : ما هي كلمتك الأخيرة لمنبر حواس ؟
ج : أشكر منبر حواس على هذه الإستضافة، وأتمنىّ لفرسان وفارسات حواس المزيد من النّجاح والتّألّق، لتبقى حواس منبرا للأدب والثقافة والفنون.