عصفور بوكوفسكي
.
عصفورٌ أزرق يغني ...
سبقَ و أن رأيته من قبل في روايةٍ أو فيلم ...
كان يرتجف ...
فتحت له الشُّباك ... بقي واقفاً مكانه
متردداً ككلِّ القلوب الخائفة
بادرَ بالسؤال .. "هل يتسعُ جناحاي جبلاً أخضر ؟ "
بإجابةٍ مُتململة قلت ..
"عتبةُ جناحي هذه النافذة ، انكسرا منذ زمنٍ طويل ..."
و نسيت كيف يبدو الجبل الاخضر
"متى .. ؟ "
لا أتذكر تحديداً .. ربما عندما نضجتُ
غمرتني الحياة بنهر من الوضوح ...
"هل أذهب ؟ "
لم يعد لي جناحان .. فكيف انصحك ؟
"هل النهر طويل ؟ "
إنّه جميل لكنّه يفقد أجزاءً منه فالغابات تأكله ...
"أين نهايته ؟ "
يقولون لانهاية له ...
و آخرون قالوا أنهم مشوا إلى مثواه الأخير ،فاكتشفوا بأنّهم مشوا عكس التيار ، و البعض لم يعد من هناك ...!
"هل النهر طويل ؟ ".. كرّرَ سؤاله
لا أدري ربما هو قلبك ... ربما هو الحياة
"هل تشعرين بها ؟ "
لا أدري لكنني أتألّم ...
"هل النهر طويل ؟ .. إنني متعب"
استرح اذاً حتى يحينَ موعدُ رحلتك ...
"لكن .. ماذا لو استمرَّ الليل ؟ "
افتح له جناحيك و اغمره قبل أن يُعجبَ بهما ...
"ما زلتِ تحلمين ، فأنتِ تملكين ذرة من الأمل ..."
ربما فاقدُ الأمل يُكثرُ من النصائح حتى لا تظهر خيبته على الملأ و ربما ذرةُ أملٍ خيرٌ من ألفِ ميعادٍ مؤجل
أردتُ أن أٌقلل من خوفهِ
فقلتُ .. لونك جميلٌ يشبه السّماء ...
"إنّه ليس لوني الحقيقي وُلِدتُ بلا لون ثمَّ أحبتني فتاةٌ فتحوّل لوني إلى أحمرٍ .. و صمت ! "
متى تحوَّل إلى أزرق ...؟
" لم ألحق بالنهر ، أصابتني الكآبة
و تحوَّل لوني إلى أزرق ... "
إذاً ماذا تنتظر ؟ .. أستَعدْ لونك
" إن النهر طويل و أنا خائف ... "
" هل لمحت وجهك في المرأة ؟ " .. سألني !
إنني أنظرُ كل يومٍ إلى المرأة ...
" و هل وجهك حقيقي ؟ "
في إحدى المرات كان يشبه البُرعمْ .. ثم !
" ثم ماذا ؟ "
هجرتُ المرآة لأجد نفسي ، فلم أعد أتذكر ملامحي !
عدّتُ إلى المرآة .. لم أعرف إن كان وجهي !
" المرآة هوية .. ؟ "
هويةُ الضائعين الذينَ لا يعرفون أنفسهم إلّا اذا حدَّقوا فيها و يعيشونَ خوفاً مريراً
فجأةً .. لمحتُ في عينيهِ دمعاً لم يُذرف ... !
" هل النهر طويل ؟ "
هل أنت وحيد ؟
" إنني افتقدُ قلباً كنت أسكن فيه ... "
لكنني رأيتكَ تغني في وضح النهار
أنظرُ إلى السّاعة أنها الثانيةُ ظهراً
" شكراً لكِ ، عليَّ أن ألحق بالنهر
قبل أن يجُفَ صوتي .. و طار ! "
لم يكن متجهاً إلى النهر
طريقُ النهر لا يعرفه شاردُ الذهن ...
اعتقدتُ بإنّهُ عائدٌ إلى قلبٍ ما !
إنّهُ عصفور بوكوفسكي ... !
لكنني عَدلتُ عن ذلك ، بوكوفسكي يُطلقُ عصفورهُ ليلاً و لم أنتبه لفرقِ التوقيت بين المدينتين !
(نايا ناصر)