" ظهيرةٌ بيضاء "
.
أَمْطَرَت فجأةً
وأنا بقربِكِ
فتوزعَ خوفي
بين سقوطِ الماءِ على الجبلِ الذي
أختفي وراءَهُ
لأذوقَ عريكِ ،
وبين لهفتِكِ البليغةِ
وأنتِ تغرِقين .
لاحظتُ الشعرةَ البيضاءَ
التي خبَّأتِها في حركةِ عينيكِ
الوثنيةِ
لكنها بانت في الكلام ..
لاحظتُها وتمنَيْتُها :
أُهَدهِدُ منبتها أولاً
لتحنَّ وتهدأَ
ثم أقتنصها بأغنيةٍ
ووعدٍ بوردةٍ
يُنبتها المطرُ في سُرَّتكِ ..
أحلمُ منذ فترةٍ
وأقولُ لو وضعتُ شَعْرَةً
ماكرةً على موقدي
سيتغيرُ حظي وأصيرُ طليقاً
في الحيز الضيقِِ
الذي نسونا فيه ..
وقد ينزلُ طائرٌ ويعيرُني لهفتَهُ
فأتقافزَ
وأَنطَّ بلا خشيةٍ
من مكرِ الحفرِ ..
لو أنمتُها في غَبَش الصبحِ
سيتمددَ البياضُ
أبعَدَ من قبلتِكِ تحت ظلي
ومن نداءِ البائعِ الأعمى
الذي أرسلهُ الراحلونَ
يوم الزينةِ
ليحكي عن الروائحِ الغامضةِ
والبهجةِ المستترةِ
وكيف أن وَأْدَهُمَا هو الأصحُّ
والأسلمُ للصيادينَ
والريح ..
لكن لماذا لا أجربُ صياغتكِ
من جديد ،
بشعرةٍ واحدةٍ فقط
تكشفُ احتياجَكِ الحقيقيِّ
لنظرتي كي تثقبَ عجينَكِ
وكَفِّي التي تصيغُ خيوطَ الزحامِ ..؟
لم لا أقبِّلُ فطائركِ بوحشيةٍ
وكلما نضُجَ بئرٌ
تزيدين بياضاً
وتنجدل الشعيراتُ
ويمسحها اللهُ بالزيتِ
فأصعدَ
وأحجِلَ إلى سريركِ
والسِكِّينُ معي ؟
أقول هذا
وأنا في آخرِ الأمرِ
لازلتُ برداناً
في ملابسكِ ، كالأمسِ
ومرتعباً من الدوَّامةِ
التي استعذبها لساني
فدلَّ القراصنةَ
على حتفهِمِ الشهيِّ ..
لازلتُ أهمسُ
وأنا أشيلُكِ على اللوحِ
الطافي
وأبتهلُ
كي يهدأَ اليمُّ
وأغيبُ ..
أنا في آخر الطريقِِ
عجوزٌ
يحكي قليلاً .. ويصمُت ..
يمسحُ الماءَ عن أنفهِ ،
ثم ينسى الملوحةَ الزائدةَ
عامداً متعمداً
لتحتفي بها الصورُ
وتعيشَ الحكاياتُ ...
مؤمن سمير