/ رحلة طويلة /
مـرتْ سيارةُ إسعاف سألتُ الجمهورَ الحيَّ المتفرج َ :
مـن الميت؟
- أنـتَ هذا ما قاله رَجلٌ يضاجعُ أحلامه ، وينفث الصيف من يديه ثم أكمل:
الميتُ أيّها السادة مضى في سبيله
وأنا لففتُ حول عنقي حبلاً قصيراً ،وتوجهتُ إلى عمودٍ يقفُ عند مدخل الحديقة الخلفية للكون .
قصيراً كان لم أستطع أن أعلقَه في عنق العمود الخشبي .
قفزتُ كلاعـب كـرة السلة
سدّدتُ نهاية الحبل جيداً دون جدوي
فمشيتُ وراءه أبكي خسارتي
رحتُ أحسبُ كم أحتاجُ من السير لأصلَ بداية الحبل بنهايته .
ركضتُ ركضَ أمامي قلتُ : أغافلُه ،وانقضُّ عليه .
جلسَ بعيداً عني ،وراح يتلوى .
قلتُ: تكلمْ أيها الحبلُ .
قهقه وراح يجري وأنا وراءه فعلِقَتْ قدمي بصخرة .
قلتُ: تمهلْ لكنه تابعَ الجـري .
فتركتُ قدمي هناك، وركضتُ خلفَه.
بانتْ لي أشجارٌ من بعيد تمتمتُ كي لا يسمعَـني :
سأغافُله وأتسلقُ إحداها فعلِقتْ يدي في الأيك
قلت: انتبه تمهـلْ راحَ يجري ويقهقه.
فمضيتُ ودمُ أصابعي بقي عالقاً في الغابة.
هو يركـضُ وانا ألهـثُ من شدِّة العطش قـلتُ:
اسقـنِ ، فخـرَّ من الضحك ، ومازال يركضُ
،وأنا أركضُ خلفه .
شاهدتُ في السماء طائراً كبيراً أشرتُ له
ورحـتُ أقـلدُ أصواتَ الطيور لينزلَ صوبي وينقذُني .
حطَّ على رأسي راح ينقرُ ، ثم طار عالياً . فمضيتُ خلف الحبل وبعضُ رأسي في منقار الطائر.
عـاد صوتُ سيارةِ الإسعاف حولي يَدْوي
سألتُ الجمهورَ الحي المتفرجَ : من الميت؟
-أنتَ هذا ما لفظَه رجلٌ يضاجعُ أحلامَه .