"حُبنا كان عظيماً مرة
وطوينا قصة الحب العظيم"
—————————————————
أُحبُّ جداً المُخلصين للحب، المُستسلمين كلياً لفكرته، أولئِكَ الذين يذهبون إلى الحب حرفياً، حيث يصير مكاناً بعيداً، فتحتاج وقتاً للعودة منه. يُغنِّي الحب بِكُلِّ اللُّغاتِ، دُونَ جوقةٍ، دُونَ اِلتِفاتٍ ويُوصِدُ نوافِذَ النّدى، ليصطاد فراشات الروح. العينُ نافِذةٌ، والقلبُ طبلٌ والخذلان لاهِثٌ لقطفةٍ من فُستانِ الفرح..
يومها، دعوتك أن تأخذ بيدي، لا أن تأخذ يدي وترمي بي خارج جدران الحياة. وها أنا اليوم أمشي بلا هوادة، ألملم جرحا عميقا لا سلطان لي عليه، أعزفُ الكلمات من خلال الثقوب التي حفرها الحب في قصب حياتي.
هكذا تُفسَّخُ الأقدار، وتُعرّى دونَ دلالاتها الكلمات، كأن الكون يُشرِّعُ للتيه مراياه، وها أنا ذي ألملم بقايا أحرفي ليتطاير الحبر رذاذ حَارِقا يكشف عورة الورَقة البيضاء. أعترف أن خطيئتي الكبرى لمعاني في الظلام، حيث الماء يتكسر تحت نعالي المطاطية، وأيادي قلبي محملة بالندوب توحي أنها مبتورة، ربما خلقت هكذا لتربت على أكتاف المواجع. اه، سكبت وجهك يا هذا داخل أغنيتي، راقصتك لتسقط من ثيابك على نصي هذا، فلا ضير أن تتعرق أناملنا باللغة، لنبتر بجنوننا فصاحة الخجل.
اِفتحوا أعينكم في كل ما ترونه، ستجدون الحب في ساعة الحائط التي لا تنام، في قارورة العطر الفارغة، في الأمواج التي اخترعتموها معا، في الجرح الذي ينمو على سواعدكم، في الندبات التي حملتموها حبا على أكتافكم، في الرسائل المخفية، في الهبل المتناثر، الرسائل المبعثرة، اللحظات المسروقة، الأميال المقطوعة، في صدق الأحرف، بل في الترجل عن صهوة حلم نحو أقرب نص. نص يزفر جراحا غائرة حد الوجع..
لم أجد أيَّ خرقةٍ لأشدَّ بها ذراعَ هذا المساء الملدوغة، كي أنزع ذاكرتي ثم أُمزِّق منها شريطاً طويلاً، فلم أعد أملكُ رغبةً بالنجاة، كلما نبشتُ ذاكرتي عثرت على المزيد من الفرص الجديدة والمُقنعة لموتك.
أصابعي اعتصَمت بالخمُول، لمْ تعد تطاوعني حينَ أمْتلىء حدَّ الثمالةِ بأوجاعي الكبرى، أوجاع موصدة لا تستر العورات المكشوفة، ولا تمنع تسرب الدخان من القلوب المحترقة. فكم تمنيت أن تأخذ بيدي، لا أن تأخذ يدي وترمي بي خارج جدران الحياة، أن نعبر الجرح معا ونهاجر إلى ضفة أخرى من الفرح، ونغرق معا في بحر عميق، لكن الجرح أعمق. فلا تغشى الغرق بعد اليوم، أنا الغريقة التي تتتبع بريق الدمع المتلألئ في أعين القلب..
الساعة الآن منتصف الدمعة إلا البكاء، متكومة على نفسي بعدما ضغطت على زر المسح، وودعت معها ذكريات خلت، فلم أعد أملك بجعبتي سوى ما ستنسجه أيامي القادمة. أقول قولي هذا واستغفر لي ولكم، ف"حُبنا كان عظيماً مرة، وطوينا قصة الحب العظيم".