ورد يأبى النسيان
__________
إلى كل الأصدقاء، أبناء هذه القرية التي حَلمنا بها زرقاء أكثر في أوقات الشمس، في أضواء الشموع، في عزلتنا تحت القمر .
إلى كل الذينَ أخذوا أوراقهم معهم إلى الموت
سأحاول إفلات النص من البحر، كي لا تذبل أسماؤهم
ويبقى الورد الذي لم يحكِ شيئا، يأبى نسيانكم.
عادوا بأسمائهم الناقصة من صفات الموت
من حكايات الأرض وحنين الورد.
عادوا من هواء وَلغة،
من حرب ذكرى لم تقتلهم.
هل عادوا كما كانوا بألوان وجوههم الأولى
هل الملح في دمهم عاد كما رحلوا
وهل ماتت أحلامهم القديمة...
عادوا ولا أحد تذكر صوتهم في الموت
ولا صوت الموت فيهم
لا أحد الآن يراهم
هم عادوا فقط لنعرف نحن أنهم عادوا
لم يصنعوا لهم توابيت من خشب
ولم يكتبوا
في شواهد قبورهم، ساعاتهم الأخيرة.
عادوا في برد غيمة وحيدة لا تشبههم في شيء
لكنها مثلهم، تمشي ولا يراها أحد
فتتذكر، وتنسى خطى الأيام.
عادوا ليلا على أرصفة البكاء وقرأُوا لهم سورة ياسين
وياسين،
من هو في بحر بردِ الهشاشةِ والذكرى
أمُّهُ تقطع قمرها البالي وتبكي بصوته.
عادوا
لكن لم تكترث لهم الحياة هذه المرة
ولا أنقذتهم اللحظات الملونة التي غادرت أحلامهم
مشرعة كالعاصفة في ساعات نباحها.
ترى كيف عادوا وملح صوتهم لا زال عالقا في لسان البحر
في صورتهم المبللة بالموت والصوت.
عادوا لتنغمس فيهم مصابيح الخلود
عادوا بأرواح شاردة لا تلتفت
عادوا في توابيتهم
التي تخفي ملامح غيابهم
وصورة جماعية لموتهم.
عادوا
تاركين أحلامهم بسجائر
تُسقط دخانها على قرية تَحبُل بالحزن،
تترك أولادها في حفرة تائهة منسية على الندم
عادوا
غرباء
لا يعرفونهم
لا أسماء لهم
لا حياة.
الصيادون
يحتسون خمر دمائهم وداعا
ويقولون
ترى من هم هؤلاء الغرباء.