أختلاق
________
أبي لم يكن يملك شاربا كشارب سلفادور دالي
ولم يكن شغوفا بالرسم أبي يعمل سائق أجرة
أبي لم يكن يعي ما تعني عبارة سريالية
إلا أنه كلما طرق الباب
كان يحمل علبا من الحلوة..
ترتسم على وجوهنا البهجة
ويحمل كل الآلام على وجهه!
أمي لم تكن ارترية الأصل
لم تسمع بكمشتاتو
ولا شمس مصوع الحارقة
لم تقرأ قصص المقاومة والاستقلال في كتب ناود
ولا عاشت في خضم تيه الغربة والترحال في روايات جابر...
أمي لم تقرأ
في ذاك الوقت كانت المرأة القارئة فاجرة
إلا أنها كانت تحافظ على طقوس القهوة
حتى أنها لا تنس أن تفك جدائلها..
وترمي بشعرها يسرة ويمنى...
على إيقاع أغاني الهرريات..
أنا بدوري لم أقرأ الترجمة
ولم أك نبيا
عالق لخمس سنوات في جامعة بحري
ولا زلت في المستوى الثالث.. يا لبؤسي
إلا أنني وذات مرة
أنشدت مع العصافير
أنشودة الوطن الحزين!
جدي هو من علمني فنون الاختلاق!
فقد كان يقول:
النهر فياض بالخير..
حتى وإن مت مبتلعا مئات اللترات من الماء
يقولون شهيدا!
أبي لم يكن يشبه سلفادور دالي في شيء
ولم يطرق الباب أبدا..
فقد رحل منذ أن كان هو ذا شارب صغير
أمي لم تكن جميلة كنساء رويال بار..
ولم تكن تعد القهوة.
كانت تتوكأ على فشلي
فسقطت منهارة من التعب!
أنا لم اتمم شدو العصافير
ولم نكن نملك شجرة باباي في منزلنا..
كل ما كتبته أعلاه..
كان محض اختلاق!
علي تيراب