على طاولة مستديرة في حديقة عامة أرسم العديد من المشاهد الكثيفة...
بينما كانت عصافير الكوكاتو على فروع الأشجار تصنع من الزقزقة ضجة حلوة ومن أعشاشها الزوجية خُلوة ...
كان بائع الشاي على عربة جائلة يغني مووايل طويلة لأناس أنقضت حياتهم منذ عشق مضى ...
قد أبتاع منه بضع رشفات في كاسة من الكارتون ...
أتخلص منها فور انتهائي من مشروبي غير المفضل ...
كمن يتخلص من علاقة حميمة بطريقة سادية مع أمراة تعاني من حالات شغف مستمرة ...
تتوأه في رسالات صوتية بعد أن تنشر صور فاضحة خالية من الظل إلا في حمرة شفتيها ...
تعض على طرف الكلام وهي تتشدق بعلكة مائعة محشوة بالغواية في ليلة ديسمبرية باردة ...
للحظة ما توقف القلم عن الكلام قبل أن يسرد حكاية ماريانا ذات الجسد الغض الذي يشتهى حمرة القمح ودفء الشمس في قرية غاليسيا النائية بريف إسبانيا...
قد أرسم على وسع ورقة بيضاء مشهدا مكتوب بصيغة عاطفية عن الصبايا اللواتي سافرن سراً بأجسادهن الطرية في كل كلمات الأحبك الشقية التي انتصبت سهوا في رسالات سرية على سطور رمادية ...
أو أرسم بروية صورة خاشعة للرب الرحيم في رسالات بريئة من كل ذنوب البشرية السحيقة قبل أن تهوي الخليقة في قبور جماعية على لسان طفل معارض للإساءة النبوية عربي الأصل فرنسي النشأة ...
وقد أختصر كل ما سبق في مشهد كبير بكلمة واحدة لا تحتل من مساحة الحياة سوى لحظة رخيصة ك تلك ال ((خدعة)) العظيمة التي لا تليق الا بكينونتنا الغريبة.. ثم فجأة يصمت القلم وتتعثر المعاني فتسقط نقطة سريعة فوق سطر عميق وينتهي الحبر بعد أن أرسم ملامح العالم بجينات وراثية كاملة الدهشة تستقل طائرة ورقية تحلق في الأفق فيركض خلف ظلها أطفال الحديقه بضحكات رهيفة ذات صدى عفيف في ملكوت البراءة.