(إلى غصنٍ تخيَّرَ أن يَميلا)
يُلامُ الوقتُ إذ يحبو ثقيلا
على استحيائهِ يمشي خجولا
يُجاري النَّملُ منه خطًى؛ فيبدو
أمامَ الوقتِ تحسبُهُ عَجولا..
تعتَّقَتِ الدَّقائقُ فيه عمرًا
كأنَّ خوابيَ انتظرَت طويلا،
وضاقَ الدَّهرُ من مللٍ؛ فأغفى؛
ذريعةَ بُطئِهِ أغفى قليلا..
وبِنكامٌ ⏳ كثيبٌ نحنُ فيهِ
-بلا مغزًى- بحجرتِهِ أُهِيلا؛
يُذرِّينا الزَّمانُ على هواهُ،
ويطمِرُنا؛ ليحصدَنا كُهولا..
فيا عمرًا أضَعنا فيه عمرًا،
وخِلنا ما أضعناهُ قليلا؛
تَناسَينا قُطوفًا في رُباهُ،
وعُدناهُ وقد أمسى طُلولا..
فهل لومٌ يبدِّدُ مِن رزايا
ألِفناها، ويَجترحُ الحُلولا؟!
وهل نحيا لتدركَنا ليالٍ
يعاندُ نَجمُها فيها الأُفولا؟!
يذكِّرُ أنَّ أنصافَ المعاني
-ولو عَجُمَت- سنَقرأُها حُقولا،
يذكِّرُ أنَّ أنصافَ المباني
لَيطمحُ جذعُها في أن يَطولا،
يذكِّرُ أنَّ أنصافَ الأغاني
لها لحنٌ سنشهدُهُ كَميلا،
ويُدركُ ما صبا غرِّيدُ وادٍ
إلى غصنٍ تخيَّرَ أن يَميلا
يُلاطفُه النَّسيمُ غداةَ صَيفٍ؛
فيطرحُ مِن لَدُنه هوًى مَثيلا..
فيا لَلأمنياتِ إذا تردَّت،
وأبدلَتِ الجوائزَ مستحيلا!
تَحايَلنا عليكِ؛ فما وجَدنا
لنا في ما عجِلتِ بهِ سبيلا،
وأَطفَأنا شموعًا كانَ أجدى
وأجدرَ أن تكونَ لنا دليلا،
وأورَثناكِ شَقوتَنا؛ فكنَّا
عليكِ -أَيا مُنًى- عبئًا ثقيلا..
فَشِلنا؛ فاعترَفنا؛ علَّ عذرًا
تلمَّسناه؛ أن نلقى جميلا؛
فقد عاشَ الحَيا فينا يتيمًا،
وآثرَ مكرَهًا أن يستقيلا..
محمَّد باقِر عَودة