سُحب ثقيلة وعصافير دُوريّ صغيرة :
(1)
تموت شاعرة
فيذبح عصفور نفسه بسلك كهرباء.
تموت شاعرة
فتُقطّع غيمة نفسها إلى نصفين.
تموت شاعرة
فتفتح نجمة معصميها
بشظية فضية مدببة
من زجاج الصحون الفضائية.
عندما تموت شاعرة
تصبح إمكانية سحق العصافير
في أعلى مستوياتها،
سحب ثقيلة تلاحق عصافير دُوريّ صغيرة
(هكذا يصبح المشهد في السماء)
تحاصرها ثم تسقط عليها وتسحقها
فتموت شاعرة.
(2)
ليس حريّاً بالثِقل أن يلاحق الخفّة
ليس من العدل أن يسحق الجبل نملة
ولا أن تقتلع الرياح زهرة
كذلك لا يليق بالسحب السقوط فوق العصافير
كما لا طاقة للحياة بحمل شاعرة
لذلك تموت شاعرة.
(3)
غير أن الشاعرات يمتن ميتات كثيرة
في الحياة الواحدة.
تقتلهن أشياء صغيرة وتافهة
أشياء خفيفة وعادية
تقتلهن الكراهية
ولكن يقتلهن الحب أكثر،
يقتلهن القبح بالطبع
ولكن الجمال أكثر
البارحة مثلا كانت السماء برتقالية مبهرة
في طريق عودتي إلى البيت
لا أذكر أني رأيت سماء جميلة كتلك
كانت جميلة بطريقة مُبكية
أحب أن أقول كيف حطمني جمالها
وكانت جميلة إلى حدّ أن ظننت أنه آخر يوم في حياتي.
(4)
البارحة أحببتُ رجلاً
اليوم أحببت رجلاً
وبينهما أحببت رجلاً لم يأتِ لليوم.
(5)
قطعتُ لك وعوداً
قطعتُ أملاً
قطعتُ طريقاً
قطعتُ وروداً
قطعتُ إصبعين
أرنبة أذن
وخصلة بيضاء
قطعتُ نهداً
قطعتُ كلاماً بلا حصر
قطعتُ غيوما ومُدناً
قطعتُ روابط دموية
وأخرى عاطفية
ثمة روابط يقال عنها ذهنية
تلك أيضا قطعتها
قطعتُ التفاح والبصل والجزر
قطعتُ العُشب
والأظافر
وقطعتُ صحراء
ولكن كما ترى
لست الآن في خُضرة
ولا ازدهار
وليس بجانبي جداول
ومرّت سنوات لم يقطع فيها طريقي أي نهر.
(وئام غدامس)
تونس
