تنتظرْ
لا بدّ وأن تنتظرَ الكثيرَ والكثير من السّاعاتِ والأيّام لتغفو على قارعةِ الطّريقِ هناك في ذلك الزّمان تتوقّف في مكانٍ واحدٍ تعجزُ عن المضيّ قدُمًا، لا لأنّك لا تريد بل لأنّك لا تتجرّأ على طرق بابٍ مغلقٍ مجهولٍ ما وراءَه لتتعثّر بفكرةٍ واحدةٍ و تعاود الوقوفَ وأيضًا تعودُ إلى ذاتِها, تراجعُ نفسَك وتعرفُ بأنّك مخطىءٌ، رغم كلّ ذلك تصطدمُ بعائقٍ سابقٍ لا بديلَ له
ولا مهربَ منه،
أن تنتظر يعني أن تطفِئ شعلةَ التّسرّعِ وأن تشعلَ آخرَ ما تبقّى من فتيلِ الصّبرِ، أن تنتظرْ يعني أن تشغِلَ عقلَك بما هو قادمٌ، أن تعيدَ الحسابات وتمزّق الأوراقَ والتّاريخ، أن تعتبر الشّهرَ سنة والسّاعة أيّام،
تقفُ في زاويةِ الغرفةِ الّتي كنتَ قد أسميتها زاوية الانتظار، تخيّل معي بأنّك تنتظرُ قدومَ صديقٍ كان قد وعدَ بمجيئِه خلال نصف ساعة ستشعرُ بأنّها يومٌ وشهر وربّما سنة،
تحرّك لو قليلًا وانظرْ إلى الشّرفة داعب الأزهارَ أو حاول التقاطَ خيوط الشّمس، قلًد العصفورَ في طيرانِه ولكن إيّاك والسّقوط فأنت لستَ بن فرناس تذكّر بأنّك ابن آدم، لا عليك فأنا أحبّ المزاحَ ولكن تذكر بأن صديقَك قادمٌ، ها هو الوقتُ قد مضى وانتهتْ الثلاثون دقيقة بمداعبةٍ ومحاولة فاشلة في الطّيران وبالنّهايةِ قد حصلَ ما تريد.