اخي الذي كان يوضّبُ معي حقيبةَ الهروب
نسي يدهُ بداخلها
افرغَ جيبه من ثلاثِ قطعِ نقدٍ معدنيّةٍ
،و علبة سجائر وعودِ ثقابٍ أخيرٍ ،ودسّها في كفي..
كلّما كانَ يبتعدُ الباصُ أراهُ من خلفِ النافذةِ يصغرُ، حتّى غاب.
اثنتا عشرة سنةً وكلّما اشتقتُ للبلادِ اجدُ يدهُ تمتدُ من بين اشيائي..
تهذّبُ شعري، تربطُ شريطَ حذائي،
وترمي على كتفي شالَ صوفٍ
تناولني المظلّة
وتفتح لي رسائل الرجل الذي كنت احب.
اثنتا عشرة سنةً
يحك عود الثقاب قلبي ليشعل سجائر كثيرة حتى أزّرقَّ
وصارت ملامحي أعقاباً مطفأة
اثنتا عشرة سنة
وانا اسمعُ من المعدنِ صدى ركضنا بالكرومِ،
وصوت المفتاح يدارُ في قفلِ البوابةِ،
ورنينُ الملعقةِ فوقَ صحنٍ فارغٍ
اخي الذي تناسى يدهُ معي إذ أنّه كان ينتظرني
صار كبيراً
رجلٌ لاجئٌ يغرقُ على حافةِ البلادِ
يلوّحُ لي بالأخرى التي تبقّتْ
من شقِ خيمةِ باردةٍ
بأن إيّاكِ
إيّاكِ أن تعودي..