شبكة الحكمة للأخبار الثقافية شبكة الحكمة للأخبار الثقافية
random

آخر المواضيع

random
recent
جاري التحميل ...
recent

عصام عبود

أنا الآن بائسٌ ووحيد كنبوءةٍ لم تحدثْ.
فاشلٌ كقصيدةٍ لم تُبكِ أحد
وثقيلٌ كرجلٍ يحملُ يده المبتورةَ على ظهرهِ ويمشي
أنا الآن من دمٍ ولحمٍ وخرابْ
أملكُ حنجرةً مثقوبةً بالصمتِ والسعال
وجسداً نحيلاً ورديئاً لدرجةٍ تجعلني لا أجيدُ تحديدَ ما يؤلمه على وجهِ الدقّة
ألمٌ في الرأس
ألمٌ في العظام 
ألمٌ في العامود الفقري
ألمٌ في القلب 
ألمٌ في الذاكرة 
ألمٌ في الواقعِ كلّهِ
إنَّني وبكل بساطةِ أفقدُ نفسي
َففي الأمس لم أجد صوتي حيث وضعته آخرَ مرةٍ 
وفجأةً صادفتُ عويلاً يقفزُ من الطابقِ العاشرِ بصراخٍ مبللٍ بالشتائم والضجيجِ، هكذا أصبحت أبكماً وحزيناً. 

وذات مرةٍ خسرتُ ملامحي بتشوهاتٍ بشعةٍ وفجةٍ جداً 
حيث أنني كنتُ أنتزع أجزائي لكي أبادلها مع الآخرينَ بالخذلان والرحيل
كلما تلقيتُ طعنةً اقتطعتُ منِّي إمّا عيناً أو شفةً أو ذراعاً أو قلباً وقايضتُ على هذه الخرداوت كلِّها بأغنيةٍ قصيرة
وبهذه الطريقةِ أصبحت أعلّق الأغاني على صدري كأوسمةٍ للخسارات. 

وأما اليوم فقد أكثرتُ من البكاء
كما لو أنّني عينٌ مصابةٌ بقرحةٍ مزمنةٍ.
فابتلعتُ دموعي دفعةً واحدةً، ولم يعد عندي دموعٌ كافيةٌ للبكاء
حينئذٍ رأيتُ يداً تخرجُ من حلقي -لم يكن الأمر سيّئاً-
لقد كان قلبي يستغيث من الغرق. 

ولذلكْ فأنا مدركٌ أنَّ لا أحلامَ لديَّ أكثر من الطمأنينةِ 
فما زال الخوف يأكل رأسي الذي يكاد أن ينفجر بالكوابيسِ والنداءات الصاخبةْ، إلى أن أصبحتُ عبئاً على أهلي وأصدقائي، وربّما على نفسي أيضاً 
فما إن أبدأُ بالحزنِ كعادتي حتى يبدءون بمثله تماماً  
يبدو أن الحزنَ جديرٌ بالاقتباس.
فكيف للمرء أن يقولَ " شكراً " إذا كانت شفتاهُ معتادتان على مرارة الأسفِ فقط؟، بهذا المعنى -أنا آسفٌ لكم جميعاً-
وفي الحقيقةِ إنْ لم يغادروني إلى الآن، فسوف يفعلون حينَ يقتنعون أنّني لستُ رجلاً بل هزيمةً فادحةً فحسب.
فقد تجرّدتُ من كل الفضائل والشرورِ التي تنسبُ إلى الإنسان، منذ جرحٍ قديم، واكتسبتُ  صفةَ خيبةٍ تسعى .
والآن لا شكَّ في أنّني صحفةٌ فارغةٌ من دفترِ العائلةِ التي علّمتني الضحك وأورثتني تساقطَ الأسنانْ

وعلى هذا النحوِ بقيت عالقاً في أصابعِ حبيبتي 
كالندمِ الذي لا يُعَضْ
حين تزوجتْ من رجلٍ قبيحٍ وثريٍّ، بينما كنت أبيعُ قصائدي لكي أشتري لها خاتماً بثمنِ حنينٍ ضئيل

كما أنّني تحولت إلى بقعةِ دمٍ على نصلٍ مشرطٍ صدىءٍ،
بعدما شرعتُ بالانتحار وفشلتْ 

ملاحظة : لم يكتبْ هذا النص دفعةً واحدة، إنّما هو نتاج الشهرين الماضيين اللذين توقفت فيهما عن النشر.
ففي كل ليلةٍ كنت أجمع ما تَلقِّيتُ من هزائم منذ بداية اليوم إلى نهايته لأضيفها على النص سطراً فسطراً ومقطعاً فآخر .

#عصام_عبّود

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

شبكة الحكمة للأخبار الثقافية

2016