قيس هادي الشريف / العراق
أنأ وأنت ..
كُنّا
لا زِلنا
ما فينا
هي نشوةٌ لا نَعرِفُ مُبتَغاها
هِيَ أنغامٌ نَطرِبُ لِصداها
سَأحكِيها إليكِ :
يا مَن كُنتِ قدَرِي
أوَ تدرين !
يا مَن
يا مَن
يا حسافةَ عمرِي
أوَ تَدرِين قبلاً
كَيفَ القمَرُ كان يُنِيرُ
كَيفَ كانَ الجِنْحُ المكسُورُ يَطِيرُ
كَيفَ الشَوْكُ أزهاراً يَصِيرُ
كَيفَ كانت الرّيح
بَينَ اﻷحلامٍ تَسِيرُ
لِنَتَذَكَّرَ أكثرَ فأكثرَ
هُناكَ في السماءِ قيسٌ
وَهُنا على اﻷرضِ قيسٍ قسماً
وقسماً
بين قيسٍ وقيسْ
ماتَ مَخمُوراً يَندُبُ المَسِيحَ
ألفُ قَسٍّ وقَسّْ
يَفهَمُ الصمتَ الّذي يُدَوِّي
بين المآذِنِ والصلِيبْ
هل تَفهَمِينَ
هذا الجُرْحَ لا يَشْفِيه طبيبٌ
بالِغُ الشكوى
وَسِرُّهُ مدفونٌ
بَينَ أحلامٍ وَطَيشٍ
وعبثِ الحبيبْ
قد بانَ ما قد خبَّأتي
تحتَ الجفونِ
مُبرْقعاً كَحرْباءِ البيداءِ
ذي ألفِ لونٍ ولون
كَفتاةِ السيركِ
تُجِيدُ كلَّ الفُنُونِ
حقّاً
حقّاً كانَ لي قلباً
لا يَحمِلُ ظُنُون
كفى لم يَعُدْ في قلبي
سوى صرخةٍ
سَتُفَجّرُ هذا السكون
مَنْ تكونينَ ؟
أنتِ يا هذهِ مَنْ تكونينَ ؟
ما أنت فيهِ إلّا ضربٌ من الجنون
وهو أشبه بِباغٍ في الغلِّ
وَكَيفَ يُدرِكُ مَنْ يخون
ألّا يَعرِفُ مَنْ يخون
لقد حطَّ الحقُّ على مَنِ يخون
أنا لا أنْكرُ ما كُنّا وما نحنُ عليه
كُنّا نَمْسَحُ الدمعَ الّذي يَطْفو
على خدِ طفلةٍ يتيمةٍ
حينَ تَحْكِي لنا قصّتَها الحزينةَ
كنا لُقْمَةً سائغةً
لِجائعٍ في ليالي الشتاءِ
أبْحرُ بلا شِراعاً في سفينةٍ
كُنّا نَبغَضُ
لمن سَكَبَت دنانيرهُ
أدمُعَ السجينة
كُنّا نداء للحبِّ
للنسيمِ وللأزهارِ
وللطيورِ
للجمالِ
وحتماً للموتِ
إذا ما أراد الموتُ رهينة
كانت النُجُومُ قريبةً
نَختارُ منها براحتَي يدَينا
وكُنّا حيثُ نَسِيرُ
نَعدُو ونَمرحُ
ونَصرخُ
كلَّ شيءٍ لهُ قرار
شِئنا أم أبَيْنا
لي كلامٌ لا تَحمِلُهُ السطورُ
مُعَطّرٍ بريحانٍ وبخور
أنتَ
يا أنتَ
أنتَ تعويذَةٍ
تُتلَى ما بينَ القبور
أنتَ
يا أنتَ
أنتَ قنبلةٌ
تُفَجِّرُ كلَّ هذهِ الجسور
أنا ...
أنا ... لن يُغرِيَني
لمعُ النُجُومِ وضوءُ القمرِ
أنا ...
أنا ... لي قلبٌ
أرقُّ من النسيمِ
وأصلبُ من الحجرِ
أجُودُ بدَمي وبدمعي أروي الظمآنَ
إذا عزّ
َّ المطرُ
أُكَفكِفُ دمعي كَطفلٍ تائهٍ
يدعو ربَهُ حيراناً
والحسراتِ ولهيبَ جهنمَ
يُلظي قلبَهُ
ماذا أكتبُ إليكِ
يا مَن أودعتَ أحلامي
بينَ جَفنَيكِ
يا مَن حملتُ اللّيلَ مسدولاً
على كتفي
يا حرفاً مفقوداً
قد أكملَ عنواني
يا بسمةَ طفلٍ
عَجِزَ عن وَصْفِها لساني
يا مَن كَالظلِ تُلازِمُني
حتّى في الظُلمةِ
ترُدَّ الوحشةَ عني
في كلِّ مكانٍ
يا شمسٌ ونحنُ فقراءٌ
بالدفءِِ نكسو العريانَ
يا نجمٌْ وفيكَ مَسِيرَتُنا
ونحنُ في القرنِ العشرينِ
من هذا الزمانِ
يا دليلَ غُرْبَتي
وأنا في وطني
غريبُ اﻷوطانِ
يا مَنْ أغارُ عليها من نفسي
يا نشوةَ هذياني
يا حبيبتي لم تُنْصِفي
كفةَ ميزاني
بأيِّ عُرْفٍ تَحجِبُ الشمسَ
ويُقْتَلُ القمرُ
بأيِّ عدلٍ يَحكُمُ القاضي
حاملا خنجراً
وكَيفَ أُلَمْلِمُ حقائبي
وَكَيفَ أُغادِرُ مكانيَ
وأنا لا زِلتُ لا أحمِلُ جوازَ سفرٍ
فبأيِّ شَرعٍ تُطْفَأُ اﻷنوارٌٍ
ويُصْدَرُ القرار
قد كان قضاءاً وقدر
آهٌ .. آهٌ وألفُ آهٍ
في بلدِ الغربةِ ضاعَ الحبُّ
لا يَخْفُقُ لي قلباً
على مَنْ عادت يوما
صفراءَ الخُدُودِ
فأنا عزيزُ النفسِ
بركانٌ على كلِّ جمودٍ
لن ينفعَ الندمُ
لن أشتريَ الندمُ
حتى وإنْ بكيتُ
بدمعٍ من دمٍ
كلُّ شيءٍ تَهدَّمَ
سَأشتَكِيكَ عند المسيحِ
سَأشتَكِيكَ عند محمدٍ
وعند حوّاءَ
الّتي من جنّتهِ أخرجت آدمُ ..
قيس هادي كريم الشريف