موتان متوازيان
هناك في الشّرق
على رأس الجبل
ثمة ظلٌّ لرجلٍ
يعدّ الحطب
ليضرم النّار في الشمس
أخرج من زنزانتي
إلى زنزانة الرّيح
والرّيح تسند
آخر الأبواب
لنجلس
على كرسيّين
من حجارة العدم
أنا والرّيح
صنوان للتلاشي
ننتظر مجلّلة رؤوسنا
بالفراغ
مثل رصاصات
في جعبة قاتلٍ مأجور
عاطلٍ عن العمل
بالعتمة،
نمذق الضّوء والماء
كثيراً ما نشبه فلورنتيو اريثا
لا نؤمن
بالحبّ في زمن الكوليرا
أو في أي زمنٍ آخر
نمقت
غابرييل غارثيا ماركيث
ونصغي جيّداً
لفلورنتيو وهو يروي الحقيقة
التي حجبها الحكواتيّ العجوز بشاربيه
النابتين على شفة الأيديولوجيا المتشقّقة
يشير إلى عظام فرمينا
المضطجعة بساقين مفتوحتين
في سريرٍ غريب
يلقي بقايا قلبه المهجور
إلى العدم
لا عليك، يقول لي
إذ يراني مذهولاً
فمن هذا
جبلت إلهةٌ أمّية
عدماً وظلاماً
يضيف
جميع الكواكب
تمرّ عبر الباب
والأرض، تقف حانيةً
على مركبها
تقدّمت في السّن فجأةً، إذاً
ربّما هي مصابةٌ بألزهايمر
لمَ لا تدور حول الشّمس؟
لمَ تذرع الطّريق الرّملية
إلى سفح المجرّة
جيئةً وذهاباً؟
تقبض على الدّفة
بأصابع محروقةٍ
لأظافرها طلاءٌ من الجليد
ذلك اليوم،
توقّف المركب
إنّها استراحةٌ لترضع الأرض
غاباتها الهرمة
لم تنبت لها أسنانٌ
لتلتهم الشّمس
والذّباب
والنّفايات النّايلونيّة
وأوراق النّقابات العمّالية
من زمنٍ بائد
فلتسِل النّار
سيّئةُ الاشتعال
من أثدائك المتساقطة
ولتتقيّئي
المزيد من الجذوع الميتة
آهٍ، أيّتها الأمّ الكسولة
التي تخشى اصطحاب بناتها
إلى طبيب الأسنان
آهٍ، أيتها الأمّ الجحود
التي تطعم الصّقيع لحم أبنائها
مطبوخاً
وتلقي عظامهم
وابتساماتهم
في أفواه الجّباب المتوثّبة
مؤونةً لقطعانٍ
من مصّاصي الدّماء
والجّواسيس
والأعمال الحربية المحدودة
والطغاة
بمختلف تصنيفاتهم الاجتماعية
وأزواج مخمورة من الآلهة
المعربدة على رأس الجبل
حيث الشمس تحترق
حربٌ عظمى تترجّل
بجنازير دباباتها
وهدير طائراتها
ترسل قطعانها
بحثاً عن أزيز الرّصاص
وعواء القتلى
تدرّبها
على الغوص في الرمال
لاصطياد الطّيور
التي تطير بلا أجنحةٍ
والجثث حديثة الشّواء
فور خروجها من الفرن
الأرض،
بلسانها المخضّب بالرّاتنج،
تلعق سكّينها المطلي بالكروم
وبقايا الملح البحري
ترميه في سبخة الملكيّة الدمويّة
فقاعات متيبّسة
تزحف
خائرة قواها
إلى اللّامكان
يا أيّتها الأمّ الخرفة
التي قايضت بمرطّبٍ للبشرة
أسماكَها
ليس هناك ما يبلّل أخاديدك
سوى المزيد من الدّم
جميع أبنائك
يقتلون الدّب لجلده
جميع أبنائك
يقتلون بعضهم لجلد الدّب
من يبقى من أبنائك
تطعمينه للصّقيع
أيّتها الأمّ الفاجرة
التي جعلت من فرجها مزاراً
لجميع الأعضاء الذّكرية الرّأسمالية
وقدّمت بناتها المفقرات قرابين
للثّقوب السّوداء السّابلة
تصفّفين شعرك المخسوف
وتتأهّبين لاستقبال المعزّين
وكأنّها ليست جنازتك
ولكن، في ذلك اليوم
يكون موتانا
متوازيين
وأدنو وإيّاك
من نقطة تلاشينا
وتكون بدايةً
وحدها
العقول المتكرّشة
ستبهت
مثلما هذي القصيدة
تنتهي
بغتة
ويملأ الفراغ
وهلتنا الأولى
في دلو المجرة
وفي ذلك اليوم
لن نكون هنا
لنحضر
لا، لن نحضر
بناتك يولدن
وأبناؤك يولدون
ويولدون
ويولدون
حيّان الغربيّ- سوريا