حيدر غراس

المردي

......... 

كنت ومازلتُ نحيلاً بما يكفي

أعشقُ جلوسَ الأرضِ

لايليقُ بي الجلوسَ على الكرسي

لديّ أربعُ مكتباتٍ

لا كتاباً عندي

منذُ الصِّغرِ مهوسٌ بضفائرَ جدّتي 

جاوزتُ الخمسينَ

، مازال كما هو سريرُ جدّي

جدي:

لم يخدمْ يوماً في الجيشِ

لكن لا  أَعرفُ مَن هذا الجندي؟ 

جدي:

يحبُّ المذياعَ كثيراً

لم اسمعْهُ يوماً يغنّي

جدتي:

تمنعنا من شُربِ شايِ الليلِ

تملأُ جيوبَنا كثيراً بتمرِ (الزهدي) 

أَبكي بأفراطٍ في مأتمِ قريتنا

كأن الميتَ جدّي

في ألافراحِ لا أجيدُ الرقصَ

أرقبُ بعيداً، أصفِّقُ بيدي 

أحلفُ كثيراً( بالعبّاس) 

في زندي تعلِّقُ جدّتي علقاً (للمهدي) 

مرةً ركبتُ قطارَ البصرةِ الصاعِدِ للعاصمةِِ

عُدتُ والندوبُ تملأُ خدّي

جدّي ليس هنا

لا صندوق(ألزهدي) 

وجدتُ عنكبوتاً سوداءَ تنسجُ بيوتاً من نفاشِ (البردي) 

عِلَّتنا أهلُ الجنوبِ

لا. ننسى بسرعةٍ

بدليل مازلتُ أحفظُ كم عقدةٍ طولُ(المردي)..! 

..... 

جدتي تقول: 

كنُت ُالظمُ الخيطَ على ضوءِ القمرِ

لاأبصرُ ألأن 

يا تُرى هل كان يكذبُ الطبيبُ

حين أخبرَنا أن نظرَها ستةٌ على ستة.

تقول:

لم آخذْ حبةَ دواءٍ واحدة ٍ طيلةَ عمري

لا  أعرفُ شيئا عن السُّكَّرِ واالضغطِ

هل  كانت تكذبُ هي ايضاً

قالوا ماتتْ بالسكتةِ

جدي يقول:

لم ألبسْ الخوذةَ يوماً

لم أُشاركْ حرباً قطّ

هل كان يكذبُ كذلك

كيف فقدَ أبناءَهُ الستةَ؟ 

يقولُ كذلك:

لم نكنْ نزرعُ الوردَ في بساتيننا

هل كذلك يكذبُ

لم أشاهدْه يوماً يدخلُ البيتَ

إلا وكانت بين كفّيهِ الوردةُ..؟ 

لأبونا الأولِ آدمُ قولٌ آخرُ

ولدنا عراةً عراةً جداً

جزاها الله خيراً بعد

كلُّ موسمٍ قصاصٌ

تهدينا اثوابَها عمتكم النخلةُ.. 

أمنا حواءُ قالت:

لم أنجبْ سوى ولدين

أحدُهما قتلَ ألأخرَ عن غلٍ

أعجبُ لأمهاتِكم

كيف لها ان تنجبَ ستةَ..؟ 

. 

      .. غراس..

حيدر غراس