فقد كانَ خريطةَ العِراقِ!
بهذه الومضة ابتدأتُ قُبيلَ قراءةِ قصيدتي
(لا تجرحوا النَّخيل) وكانتْ مفاجأةً جميلةً أدمعتْ عينَيَّ فرحًا، حينَ وشَّحَني الأستاذ (محمَّد الدِّفاعي) علَمَ العراقِ الحبيبِ، وقلَّدني وِسامَ المجالسِ البغداديَّةِ الثَّقافيَّةِ في مهرجانِ (النَّخيلِ والياسمينِ) الَّذي أُقيمَ في مطعمِ (جُلَّنار)/ في باب توما/ يومَ الخميسِ الماضي ٢.٢٢/٣/١٠.
ومهما تكنْ ثقةُ الشَّاعرِ بنفسِهِ كبيرةً، فإنَّهُ لا غِنى لهُ عن رأيِ الآخرينَ بأشعارهِ، فبعدَ الانتهاءِ مِن إلقاءِ قصائدي، دعَتني الباحثةُ العِراقيَّةُ (يانعة خليل الورد) إلى الجلوسِ على طاولتِهم، وعرَّفَتني على زوجِها أ. ناجي يوسف رئيسِ لجنةِ السّياحةِ
، وكانتْ سعادتي كبيرةً حينَ قالَ لي مُشيرًا إلى صدِيقَيهِ- أحدُهما أستاذٌ جامعيٌّ في الأدبِ العربيِّ، والآخرُ شيخُ حوزةٍ علميَّةٍ- قال: أجمَعنا نحنُ الثَّلاثةُ أنَّكِ أشعَرُ مَنْ ألقى اليومَ، وأثنَوا على ما سمِعوهُ، وعلى فصاحتي، فكانَ ذلكَ وسامًا آخرَ ملأني حبورًا، واعتزازًا.
والتَقطنا صورةً تذكاريَّةً جميلةً، بالإضافةِ إلى صورٍ معَ الباحثَتينِ العراقيَّتينِ: حياة الشَّمريّ، ويانعة الورد. وابنتي بلدي المبدعَتَين: سميرة عيد، وليلى غبرا.
فشكرًا جزيلًا للأصدقاءِ العراقيِّينَ على دعوتِهم لي، وعلى تكريمِهم، وحفاوتِهم الكبيرةِ، وعلى هذا المهرجانِ الأكثرِ من رائعٍ بتنظيمِه، وبالأطيافِ الأدبيّةِ، والاجتماعيَّةِ الجميلةِ الَّتي ضمَّها.
وكم وددتُ لو أدعو جميعَ أعضاءِ الوفدِ لزيارتي، لِما لمستُهُ مِن طيبٍ، ومحبَّةٍ كبيرةٍ يحملونَها في قلوبِهم لبلديَ الغالي، لكنِ اقتصرَ اللقاءُ في منزلي عصرَ الإثنين ٣/١٤، مع الإعلاميِّ محمّد الدّفاعي، والملحِّنِ سامي هيَّال، ورئيسِ رابطةِ المجالسِ الثّقافيّةِ البغداديَّةِ الأستاذ صادق الرُّبيعي، وزوجتِهُ، بالإضافةِ إلى ابنةِ بلدي الدّكتورة سهيلة سلامة، وقد كانتِ النِّيَّةُ أن نلتقيَ في نادي الضُّبَّاط، لكنَّ الموافقاتِ الأمنيَّةَ حالتْ دونَ ذلكَ، فاستقبلناهُم في منزِلنا المتواضعِ، وفي أصغرِ غُرَفهِ رأيتُ معجزاتِ المحبَّةِ؛ فجُدرانُ الغرفةِ استطالتْ كنخيلِ العراق، وجنباتُ المنزلِ اتَّسعت بمساحاتٍ من الودِّ، ورغمَ أنَّنا لم نرَ الكهرباءَ طيلةَ مدَّةِ ضيافتِنا لهم، إلَّا أنَّهم أناروا المكانَ، وزادوهُ دفئًا، وغنىً بفضلِ الأحاديثِ الثَّقافيَّةِ، والاجتماعيَّةِ المتنوِّعةِ، وبفضلِ الألحانِ الجميلةِ، وغناءِ الأستاذ سامي لنا أغانٍ عراقيَّةً، وسوريَّةً:
(طالعة من بيت أبوها، ويا مال الشَّام، وغيرِهما، بالإضافة إلى قصيدتي الَّتي لحَّنها: (مضى يوسف).
تلكَ الأوقاتُ لن تُمحى من ذاكرتي، حتَّى أنَّنا لكثرةِ الاستمتاعِ بوجودِهم لم نتمنَّ أن يغادروا، فقد شعَرنا أنَّنا مع أهلِنا، الفارقُ الوحيدُ كانَ: اختلافَ اللهجةِ.
ومن بابِ الدُّعابةِ أذكرُ أنَّني قُبيلَ وصولِهم قلتُ لابنيَ الصَّغيرِ دانيال:
سيأتينا ضيوفٌ منَ العراقِ، وهيَ دولةٌ مجاورةٌ لنا، يتحدَّثون بلهجةٍ مختلفةٍ عنَّا.
فقالَ لي ببراءةٍ فاجأَتني، وأضحَكتني:
ماما يعني العراقيِّين بيحكوا إنكليزي؟!