وها نحن ياصديقي
غريبان لا يجمعنا سوى بردنا !!
أنتَ تصطك برداً هناك
على قارعةِ وطنٍ
يبيعك دفئاً كاذباً
يباع جاهزاً على أغلفة الصحف
والكتب المدرسية وواجهات المحلات..
و أما أطفالنا فيأكلهم البرد
مبتسماً كوجبةٍ دسمة !!
وأنا هنا أتجمد احتراقاً..
لم أكن أتقن ياصديقي قبل الآن لغة الجسد
وكيف لها أن تحفر عظامك بكل هذا البرد
وأنت تشتعل في كل جزءٍ منك
وتذوي كغصن يابسٍ
لم يعد يصلح للحب..
هكذا أنبعث منك كل ليلةٍ من جديد!!
أولد من بين جذورك العالقة بين أصابعي..
أقضم ورودها فأصحو و جسدي داليةٌ عتيقةٌ
تعربش على أحد الجدران في بلدي..
حيث تفوح رائحة الموت
ويعلو عالياً أزيز الرصاص..
فقط على ذلك الهامشِ المهملِ
المسكون بأشباح الحرب
نبتنا معاً
كجبرٍ في رحم الأرض الممتلئ بالشقوق..
لم تمت ابتسامتي بعد يا أمي !!
فكلما قال ذاك الغريب أحبك
ابتسم الموت الذي لايزال عالقاً
على أطراف ثوبك
مجبولاً برائحة الأرض والذاكرة..
هناك يا أمي ..
لم تعرفي كيف كنت
أولدُ شعراً كل ليلةٍ وأنا أرتجف..
لم تعانقيني لأبكي!!
ولم تخبريني أن المرأة حين تعشق
تصبح نحيلة ..نحيلةً جداً
كأغصان كل تلك النباتات
التي ملأتِ بها شرفة بيتنا..
وكنت تصرين على محادثتها كل صباح
خوفاً من أن تموت هناك وحيدة
وحيدةً جداً تماماً كحزني..