جفَّ قلمي و ذَبُلَت أوراقي ،حتَّى أفكاري ما عادت أفكاري ،و أحلامي...أحلامي أيقظها صُراخُ الواقع ،و عندما رأته ذهبت و لم تعد ،أنامُ فأغوص في اللاّشيء و أصحو فأطفو على جزيرة الواقع ،و كأنّي أمشي على فاصلٍ بين جَهنمين ،لا أُبالي في أيّ مِنهما سأحترق ،لأنَّ حرارتهما أحرقت نهاياتي الحسّيّة كافّةً ،فلم أعد أشعر سوى بالتّجرّد ،التّجرّد من الأمل ،من الحياة ،من الموت ،من القُّوّة ،من الضِّعف ،التّجرّد من كلِّ شيء ،و كأنّي رائد فضاء انقطع الحبل الّذي يصلني بسفينتي ،فغدوت جسماً طافياً ،لا جاذبيّة تُثبِّتُه ،و لا هواءَ يُنقِذه ،لا تُفيده حركة ولا صُراخ ،فهو عالِقٌ في اللاّشيء يعيشُ الواقع مُنتَظِراً الموت على أطلالِ ما تُسمَّى الحياة .
يبقى هكذا حتّى يعلو الصّوت الخارج من أعماقه ،و يُرَدِّدُ على مسمعه
""و اصبرْ لِحُكمِ رَبِّكَ فإنّك بأعيُننا""
حينها تعود الأحلام ،و تتحوّل الجَهنَّمين إلى غوري وادي ،يسحران بخضارهما و أشجارهما و ورودهما عيني كلِّ ناظر كأنّهما الفردوس الأعلى ،فيرتاح القلب و العقل ،و تعود الحياة ،و يعود الأمل النّابع من اليقين بالله و حمايته و قضاءه و قدره ؛
نعم إنّه صوتُ الله الكامن في أعماقنا ،عندما يعلو تنخفض كافّة الأصوات و يعمُّ الرِّضا أرجاء حياتنا.
#جنى_محمد_عمران