تعال أيها الليل
واقترب من نافذتي
أردتُ أن أعلقَ النجوم أجراساً
اقترب ففي قلبي زاويةٌ للقمرِ
وكأسٌ ينبتُ بشفتين من الفجر
ونهر من النبيذ يلمعُ باستمرار
فوق الأحجارِ
يقال إنها من زمن قديم
حيث كانت الحكمةُ على شكل ببغاء
وحيث كان الوطن حرا يطيرُ برأس
وحصانٍ من الهواء
اقترب أيها الليل
بلا حمى ولاأوجاع
أصابعي رسمتها ممراتٌ سرمدية
بين أغصان الياسمين
ونسيت المفتاحَ مقفلا في أبوابِ الفرحِ
تعال أيها الليل
لأسردَ مابقي من حكايات التوت
على شفتيك
لأرتبَ العالم بصندوق صغير
وأنسى عيني هناك
ربما ستصبحُ شجرةً أو طيراً
ربما ستصبح قصيدةً مرتفعةً
كجبلٍ يسجدُ على ركبتيه
عندما يتعرى ملاكٌ من غيمة
فيسقطُ النور فوق هالات البؤس
وتبدو الصفحات كفارسٍ مقطوع الرأس
سينتصر بدون حرب ولا مزامير
المعنى أصبح بلا جسد
والقلبُ مغارةٌ مهجورة
والخفافيشُ السعيدة ستعلن الآن
حريةً تشبهُ الأقفاص
تعال أيها الليل
سقطَ الزمنُ عن ساعتي الجدارية
وبدا وجهي كمعركةٍ
الخبزُ رايتي والماءُ أرضي
قد أسقط بالقاع وأطفو قتيلةً
وألمس الربيعَ من عينيه اللوزيتين
الآن تبدو الحياةُ زورقا
والسماءُ خيطاً أزرقا
أتسلقهُ من شفةٍ وحرف
وأطيرُ بجناحٍ من الورد إلى الشمس
لتذوب أحلامي كقطعةِ حلوى
في فم الموت
كم أبدو أيها الليل
كرسياً مطرزا بخيوط العنكبوت
كم أبدو دخاناً بعيدا عن ناره
كم أبدو جنازةً بلا ورود
وجسدي شيعته على خصر الحمام
والآن سيصبح الطين لغةً رسميةً للسماء
عندما يسقطُ المطرُ بعكازٍ طويلٍ
وغيمتين من الحب
يرتجفُ العطرُ بثيابهِ
ويهربُ القلب إلى بركانهِ